الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية تفاصيل حصرية عن عبد الكريم العبيدي الصندوق الأسود للأمن الموازي والاغتيالات السياسية

نشر في  12 أوت 2015  (11:47)

 عبد الكريم العبيدي رئيس فرقة حماية الطائرات سابقا المودع بالسجن منذ جانفي 2015 بتهم متعلقة بقضية اغتيال الشهيد محمد البراهمي، يعتبره البعض من أخطر عناصر خلية الأمن الموازي، بل والمؤسس لها، كما عبرت مؤخرا عديد الأطراف عن خشيتها من تسميم هذا الشاهد أو القضاء عليه وهو العنصر المحوري المهم في قضايا الاغتيال والأمن الموازي
عبد الكريم العبيدي الشهير بالحاج ورد اسمه في جل ملفات القضايا الإرهابية والاغتيالات التي عرفتها البلاد بعد الثورة، كما أن هذا الأخير وحسب تصريحات لعدد من الأمنيين لعب دورا رئيسيا في تسهيل عبورالإرهابيين والقتاليين عبر المطار اضافة الى تدريب عدد هام من الشباب على استعمال الأسلحة في ثلاثة مراكز تابعة لوزارة الداخلية وتمرير حقائب من الأموال.
وبعد تناقل تجاوزات عبد الكريم العبيدي في صفحات التواصل الاجتماعي وأعمدة الصحف، قرّر وزير الداخلية السابق  لطفي بن جدو نقلته من خطته بمطار تونس قرطاج إلى خطة مسؤول باﻹﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﻔﺭﻋﻴﺔ لوسائل ﺍﻟﻨﻘل ببئر ﺍﻟﻘﺼﻌﺔ ببـﻥ ﻋﺭﻭس.
ولكن ورغم هذه النقلة، فقد عمد العبيدي الى بعث شركة كراء سيارات رباعية الدفع من نفس النوع الذي تزودت به وزارة الداخلية، وهو ما دفع بالبعض الى الاعتقاد أن الهدف من بعث هذه الشركة هو تأمين عبور الارهابيين لا غير.  

عبد الكريم العبيدي والقضقاضي

يوم الخميس 8 جانفي 2014 أصدر  قاضي التحقيق بالمكتب 12 بالمحكمة الابتدائية بتونس بطاقة إيداع في السجن ضد عبد الكريم العبيدي بعد أن اشتبه في تورّطه في تمكين الإرهابي «أبو مقاتل» من الفرار على متن سيارته الخاصة «البيجو» بعد أن أنجز مهمة اغتيال الحاج البراهمي.
كما اتهم العبيدي وحسب شهادة مواطن أصيل منطقة رواد من ولاية أريانة، أنه كان دائم التردد على على المنزل الذي كان يختبئ فيه كمال القضقاضي وأبو بكر الحكيم وأكد الشاهد الذي وقع الاستماع اليه سابقا أن العبيدي كان يوفر الدعم اللوجستي لهذه العناصر..
ونذكر بأنّ مباركة البراهمي زوجة الشهيد محمد البراهمي اعتبرت صحبة عديد من الأطراف أنّ المتهم عبد الكريم العبيدي يمثّل الصندوق الأسود لملف الاغتيالات السياسية في تونس لامتلاكه العديد من الأسرار التي تمكن من كشف الحقائق

هل تمت فعلا محاولة تسميمه؟

مباركة البراهمي عبرت في أكثر من مناسبة عن تخوّفها الشديد من طمس معالم حقيقة ملف اغتيال زوجها الشهيد محمد البراهمي مؤكدة أنه وقع تسميم المتهم عبد الكريم العبيدي لكي تُعتّم الحقيقة ويدفن الملف
مع العلم أن محامي عبد الكريم العبيدي أكد هو الآخر أنّ منوبه يعانى من إسهال شديد في سجنه بالمرناقية، مشيرا إلى أن هناك شكوكا حول تعرض منوبه إلى تسمم.
من جهتها سبق للادارة العامة للسجون والاصلاح أن أكدت في بلاغ لها أن عبد الكريم العبيدي في صحة جيدة وأن كل ما راج عن محاولة تسميمة غير صحيح، مشيرة الى أن العبيدي اشتكى في وقت سابق من وعكة صحية وتم تمكينه من الدواء الموصوف له من قبل الطبيب.
مع العلم أنه راجت في نفس  الوقت تسريبات مفادها التخطيط على قدم وساق لاغتيال عبد الكريم العبيدي الذي يقبع حاليا في زنزانة منفردة بالسجن المدني بالمرناقية حيث أكدت هذه التسريبات أنه سيتم التخلص منه من خلال الإيهام بانتحاره داخل سجنه. وذلك في الوقت الذي عبرت  فيه مباركة البراهمي وغيرها من الشخصيات السياسية عن قلقها من محاولة اسكات عبد الكريم العبيدي الى الأبد، وبالتالي تدفن معه الحقيقة.
 من جهته رأى النقابي الامني الصحبي الجويني أن المنظومة الأمنية هي المطالبة بحماية عبد الكريم العبيدي داخل سجنه، مضيفا أننا لم نصل بعد الى مرحلة الاغتيالات داخل السجون.
وفي نفس السياق وبخصوص الخوف على حياة عبد الكريم العبيدي، أكد النقابي الأمني فيصل الزديري لأخبار الجمهورية أن كل ما يتمناه هو ألا يموت العبيدي بسكتة قلبية مفاجئة، مضيفا أن قضيته لا تتطلب كل هذا الوقت وكان بالامكان الحصول على كل المعلومات منه واغلاق الملف لكن وحسب الزديري هناك نية تتجه نحو عدم اغلاق هذا الملف ..  

هل كان العبيدي كبش فداء؟

بايقاف العبيدي توقع البعض أن ملف الأمن الموازي قد أغلق، لكن بعض النقابيين كان لهم رأي مخالف حيث رأوا أن العبيدي وقعت التضحية به وايداعه السجن في حين ظلت بقية العناصر المورطة في قضايا الارهاب والاغتيالات والأمن الموازي حرة طليقة، حيث رأى النقابي الأمني الصحبي الجويني أن اتهام عبد الكريم العبيدي بالوقوف وراء تكوين جهاز الأمن الموازي مسألة غير منطقية لأن هذا الجهاز أكبر من حجم العبيدي حسب محدثنا وترأسه عناصر أخطر منه بكثير، مضيفا أن العبيدي كان عبارة عن كبش فداء للتغطية على المؤسسين الفاعلين، وذكر أن الوحيد المخوّل له فك شفرات جهاز الأمن الموازي هو وزير الداخلية الأسبق علي العريض، أما بخصوص ملف الاغتيالات فاكد محدثنا أن القضاء وحده سيحسم في هذا الملف ..
كاتب عام جمعية مراقب الحبيب الراشدي بين هو الآخر أن عبد الكريم العبيدي كان ضحية استقطابه حزبيا، حيث كان يعتقد أنه يخدم اطرافا ستدوم في الحكم لسنوات، مشيرا الى أن ولاءه الحزبي هو الذي أضر به، لكن وبمجرد دخوله السجن أصدر حزبه بيانا أكد فيه أن هذا الاخير لا يتبع الحزب.
 اما النقابي الأمني فيصل الزديري فأفادنا أن عبد الكريم العبيدي لم يكن هو المؤسس لجهاز الأمن الموازي بل كان مجرد أداة من قبل حزب سياسي لتكوين هذا الجهاز، مبينا أن هذا الحزب كان هدفه الأول تنفيذ أمور غير قانونية وبالتالي سعى الى بعث جهاز أمن خاص قصد خدمة اجنداته ..

هكذا سلّم العبيدي أبو بكر الحكيم خريطة مرورية سهلت فراره

ومن بين المعلومات الخطيرة التي تحصلت عليها أخبار الجمهورية أن عبد الكريم العبيدي سلم الارهابي أبو بكر الحكيم خريطة مرورية تتضمن الدوريات والنقاط الامنية القارة منها والمتنقلة بمحيط سكن كل من الشهيدين البراهمي وبلعيد وهو ما سهل عملية الفرار بعد اغتيال الحاج البراهمي، ويذكر أن الخريطة كان قد تسلمها العبيدي من اطار سابق يشغل حاليا خطة خارج تونس، مع العلم أن هذا المعلومات وردت بمحضر البحث في قضية اغتيال البراهمي وهي عبارة عن شهادة أدلى بها  اطار امني رفيع المستوى.

تعطيل كاميرا المراقبة عند دخول العبيدي

من جهة أخرى علمنا أن اطارا أمنيا كان مشرفا على مركز التكوين المختص للامنيين بمنوبة ذكر خلال استنطاقه، أنه كانت تصلهم تعليمات بتعطيل عمل كاميرا المراقبة عند دخول عبد الكريم العبيدي ومحرز الزواري ومجموعة غير تابعة للأمنيين، وذلك قصد تسهيل تنقل العبيدي ومجموعته دون رقيب ..

أخطاء بالجملة...

 عبد الكريم العبيدي هو رجل أمن لم يحافظ على مبادئ الأمن الجمهوري، كما سبق له أن اعترف في أكثر من مناسبة بانتماءاته الحزبية، ومن الأخطاء التي ارتكبها هذا الأخير حسب النقابي الأمني الصحبي الجويني تدخله في عديد التعيينات وشراء الذمم داخل المؤسسة الأمنية اضافة الى تكوينه لشبكة من العلاقات من خلال تقديمه لعديد الوعود الزائفة.
ومن بين المعلومات التي تحصلت عليها اخبار الجمهورية من اطار امني رفض الكشف عن هويته أن العبيدي ورغم أنه كان عبارة عن موظف عمومي فانه تمكن وفي وقت وجيز من اقتناء ضيعة فلاحية تتجاوز قيمتها المليار، مع العلم أن عملية تسييج هذه الضيعة تكلفت بـ120 ألف دينار.
ومن الأخطاء الفادحة التي ارتكبها العبيدي وكانت دليلا قاطعا على تورطه في قضايا ارهابية تسهيله لعملية انتقال ودخول مجموعات مورطة في ملفات ارهابية، حيث سبق له أن أمر بتعطيل كاميرا المراقبة باحدى المناطق الامنية، حسب ما أكده لنا الحبيب الراشدي.
من جهته أفادنا النقابي الامني فيصل الزديري أن العبيدي كان يتمتع بالضوء الاخضر للتجول في أروقة وزارة الداخلية كما يشاء واقتحام مكاتب القيادات الأمنية في أي وقت رغم رتبته الدنيا وكان له حقّ النفاذ الى المعلومات والوثائق التي يريد ..

ارتقاء صاروخي في السلم الوظيفي من أجل هذه المهمة ...

ومن بين الأمور التي كشف عنها فيصل الزديري أن عبد الكريم العبيدي نال اكثر من ترقية مهنية هامة جدا خلال سنة واحدة، مؤكدا أن الهدف الأساسي من وراء تلك الترقيات هو الوصول الى خطة أمنية محددة يعين على اثرها  العبيدي رئيسا لفرقة حماية الطائرات، لأن هذه المهمة تقتضي مرور الأمني بسلم وظيفي معين وهو ما تم منحه للعبيدي في وقت قياسي ..
وذكر الزديري أنه وبمجرد استلام العبيدي لخطته الجديدة بمطار تونس قرطاج طالب بضرورة تكوين 120 أمنيا تكوينا خاصا رغم أن التكوين يقوم به الفوج الوطني لمجابهة الارهاب، لكن العبيدي أكد ضرورة تكوين هؤلاء على يد 8 أشخاص بعينهم، مبينا أنه وبعد تخرج ال120 أمنيا حافظ هؤلاء الأشخاص على وظيفتهم وهو ما طرح انذاك عديد نقاط الاستفهام حول السرّ من وراء الابقاء عليهم رغم انتهاء مهامهم، ومن هم الأشخاص الذين يتلقون تدريبات على أيديهم، وأضاف الزديري أن موضوع بعث أمن مواز انطلق منذ تلك الفترة ..
وافادنا محدثنا أن من صنع جهاز الامن الموازي هو نفسه من منح العبيدي ترقيات متتالية دون موجب قانوني، مؤكدا أن ملف عبد الكريم العبيدي خطير جدا ومن الضروري التوقف عنده وحله لتكون انطلاقة تونس الجديدة على أسس سليمة ..
من جهته بيّن كاتب عام جمعية مراقب الحبيب الراشدي أن عبد الكريم العبيدي تم وضعه في خطة رئيس فرقة حماية المطار من اجل تحقيق هدف معين وهو تكوين جهاز الأمن الموازي، مضيفا أنه هو من درب جماعة ما يسمى «بأمن الشيخ» وقد التقطت له صورة أمنيين آخرين وهم وراء الشيخ!

العودة الى الارقام الخلوية التي كان يستعملها العبيدي

أما رئيس المنظمة التونسية للأمن والمواطن عصام الدردوري، فأكد لأخبار الجمهورية أن وجود جهاز أمن مواز مسألة مفروغ منها والدور الذي لعبه المظنون فيه في قضية اغتيال الشهيد محمد البراهمي، المدعو عبد الكريم العبيدي في تكوين هذا الجهاز والاشراف على تسييره يعد دورا كبيرا وعلى غاية من الخطورة حيث أنه كلف في اطار تقاسم الأدوار بالاشراف على خلية التدريب التي أحدثها بفرقة حماية الطائرات بفرقة مطار تونس قرطاج على حد تعبيره .
واشار الدردوري الى انه ورغم اعتبار هذا الاخير شفرة مهمة لفك بقية شفرات هذا الجهاز الذي سهل اختراق المؤسسة الأمنية وانتشار الارهاب والقيام باغتيالات، فانه وبالمقارنة ببقية الحلقات على غرار المدير العام للمصالح المختصة وعديد الأسماء الاخرى يعتبر من الحلقات الوسطى ولكنها ليست الضعيفة ..
وذكر أنه  سلّم  وبشكل موثق الدور الذي كان يلعبه العبيدي الى وزير الداخلية الأسبق علي العريض ومستشاره القانوني انذاك اسامة بوثلجةـ مشيرا الى أن هذين الأخيرين عبرا عن تخوفهما من خطورة الدور الذي يلعبه العبيدي ليتبين فيما بعد بأن الجميع في نفس السلة ..
وذكر محدثنا أن الجهات الرسمية والقضائية لديها كل الامكانات القانونية والفنية التي تمكنها من بلوغ الحقيقة، مضيفا أن العودة الى الارقام الخلوية التي كان يستعملها العبيدي ستقلب عديد الموازين وتكشف الشبكة العلائقية لهذا الاطار الامني المثير للجدل وعلاقته أساسا بابناء الحركة وسبب الحظوة التي كان ينالها، والكلام للدردوري الذي أكد في سياق آخر أنه سبق له أن طالب ومازال بحماية المظنون فيه لأن العبيدي أحد أهم المفاتيح لبلوغ الحقيقة، معبرا عن عدم استبعاد وجود نوايا ومساعي لاسكاته نهائيا.
وختم بدعوته الى توفير المحاكمة العادلة للمعني متمنيا أن يكشف عن أسماء العناصر الفاعلة من أمنيين وسياسيين.

تحقيق من إعداد: سناء الماجري